2021/03/03

على مقاعد الدراسة







لأنها إذا انتهت لا تعود وإذا عادت فلن تعود كالسابق


في تِلكَ الغرفة الكبيرة المليئة بالمقاعد، الطلبة، الصداقات والمشاكسات تحلو الذكريات.

من أين أبدأ؟!

هل أبدأ من تلكَ السبورة الخضراء الكبيرة، التي نتسابق إليها في استراحة ما بينَ الحصص لأخذ الطباشير الملونة التي يتناثر منها الغبار فيعلق على أيدينا وملابسنا المدرسية كي نستخدمها في خربشاتنا المقتبسة التي نكررها جميعنا تلكَ المتداولة بين الطلبة (أكتب لك بالمقلوب كي يدوم الحب في القلوب، أتمنى لك النجاح وأكل التفاح...)، ليستمر بعدها المحظوظ منا في مسح ما خُطّ بهمّة، تاركًا عبارة البسملة التي أبدعَ إحدانا في تنسيقها وزخرفة أحرفها وزركشة أطرافها؟!

أم أبدأ من مجموعات الطلبة المعروفة ب(الشلّة) الذين يشكلون أحزاب فورية صادقة منذ بداية الفصل الدراسي والتي غالبًا ما تستمر طويلًا لسنين قادمة، ك (شلّة) المشاكسين الذين يفتعلون المشاكل والمقالب بالزملاء والمعلمين ويصدرونَ أصواتًا لا حصرَ لها أثناء شرح الدرس ويطلقونَ صواريخ وقوارب ورقية في فضاء الصف، هذه (الشلّة) تجلس عادةً في المقاعد الخلفية في الصف. و(شلّة) عباقرة الصف الذين يتحدثونَ عن المواد الدراسية، الإمتحانات، الأحلام البريئة والمستقبل، وهم الذين لا يكلّون ولا يملون من طرح الأسئلة على المعلمة قبل و أثناء وبعد الحصة مرارًا وتكرارًا رغم جلوسهم أثناء الشرح بلا حِراك؟!

أأبدأ بلحظة اختيار عريف الصف الذي يفوز بأغلب الأصوات أثناء انتخابات مجلس الطلبة فيطلق ريشه كطاووس أمام الطلبة، ذاكَ الذي كلمته لا تصبح اثنتين فقد حصل على حصانة من كلا الطرفين الطلبة والمعلمين؟!

أم أبدأ بسؤال المعلمين من أحد الطلاب إحضار شيء ما من أحد الصفوف أو من الإدارة تحت قانون يسري في الصف (المؤدب بروح يجيبه) فيجلسون متكتفين بلا همس كي يحظى أحدهم بهذا الإختيار العظيم فمن يفوز به يصبح كالمشرف التربوي يتجول في أنحاء المدرسة بلا ذاكَ الخوف المعهود عند الخروج في منتصف الحصص، وعادةً يحظى بهذا الشرف (الأول على الصف)؟!

هل ستكون البداية من الحصص التي لا تعد ولا تحصى طيلة أيام الأسبوع، كحصة الرياضيات التي يخاف منها الجميع لصعوبتها (كما يظن البعض)، والتربية الإسلامية التي نستمتع بها أثناء سرد المعلم لقصص أبطال الإسلام صحابة الرسول عليه السلام، وحصة الرياضة التي تمرُّ مرور الكرام مرة كل أسبوع فنحاول إفراغ طاقاتنا الكامنة بأقصى ما نملك لأن غيابها سيطول، وحصة الرسم التي نرسم بها خربشات طفولية نابعة من القلب (بيت، شجرة، سماء وشمس، غيوم زرقاء، جبال كثيرة، بحر وعائلة) كالحياة التي نتمنى أن نعيشها، وحصة اللغة الإنجليزية التي غالبًا ما تتحدث بها المعلمة بلغتها الأم (العربية) أثناء الشرح، والتربية الإجتماعية التي نغفوا في أثنائها من شدة الملل، حصة اللغة العربية التي تتهافت فيها الكلمات الجميلة لكتابة موضوع تعبير بسيط مليء بالأمل والتفاؤل، وآخرهم حصة العلوم التي نقوم بها بتجارب عديدة والتي تنتهي عند دور المجموعة الأخيرة فلا يحظون بالتجربة؟!

لم أكن أعلم من أين أبدأ فالذكريات كثيرة واختيارالبداية صعب وانتقاء النهاية أصعب فلو استمرَّ حديثي عن تلك اللحظات فلن أمِل أو أَكِل ولتجاوزت كلماتي الآلاف، التي لا أريد لها نهاية لأنني لا أريدها أن تنتهي، فلو انتهت لا تعود وإذا عادت فلن تعود كالسابق، أريدها أن تبقى عالقة بينَ ثناياي بلا نهاية…


اعداد وكتابة: شيماء شقبوعة


التسميات: , , , , , , , ,

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية